البحرين وسلطنة عمان: الأكثر تضرراً من تردي أسعار النفط

العجز في موازنة مملكة البحرين سيكون بأكثر من 7 % من الناتج المحلي الإجمالي

سلطنة عمان معرضة إلى الارتفاع في العجز إلى ما يقارب 7.1 % في العام 2018

يُعتبر النفط مورداً أساسياً في اقتصاديات الدول الخليجية كافة، إذ يشكل هذا المورد الطبيعي النسبة الأعظم من الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول وهو العنصر الرئيسي للعديد من الصناعات الاستراتيجية كصناعة البتروكيماويات، الأمر الذي نلمس معه بشكل ملحوظ حجم انعكاس انخفاض أسعاره على اقتصاديات هذه الدول.
وفي الحديث عن تقلبات أسعار النفط لابد لنا أن نسلط الضوء على أهم العوامل التي تؤثر على أسعاره والتي أبرزها قوى العرض والطلب، وبالأخص عامل الطلب الذي يتأثر بالنشاط الاقتصادي للدول. ومن جانب آخر فإن من أبرز العوامل المؤثرة في انخفاض الأسعار هو سياسات الدول المنتجة لهذا المورد، وخاصة دول الأوبك، إذ تحافظ هذه الدول على سقف انتاج عند 30 مليون برميل يومياً منذ ما يقارب العشر سنوات. كما ولا ننسى أن الأزمات السياسية والحروب التي مرت ولا تزال تمر بها أهم دول المنطقة المصدرة للنفط من أهم العوامل التي تؤدي إلى عدم استقرار الأسعار بل وانهيارها.
في تقرير صادر عن وكالة موديز للتصنيف الائتماني بعنوان “دول التعاون.. تجاوب السياسات مع هزة أسعار النفط ستكون الموجه لنوعية الإقراض”، تؤكد الوكالة أنه في ضوء التوقعات باستمرار أسعار النفط على مستوياتها المتردية لفترة أطول فإن الحسابات المالية والجارية لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي قد تبقى تحت الضغوط”.
وقال كبير المحللين في وكالة موديز للتصنيف الائتماني ستيفن ديك: “إننا نتوقع أن يؤثر تراجع موارد الهيدروكربون على الميزانيات العامة لدول التعاون على نحو يدفعها لإجراء تعديلات في عام 2016 قد يكون من بينها تخفيض الإنفاق على الدعم إضافة الى إجراءات لتوسيع قاعدة الاقتصاد غير النفطي”.
هذا ووجد محللون وصناع القرار في الشأن النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي، بأن المؤشرات تدل على أن مملكة البحرين وسلطنة عمان هما الأكثر تضرراً وعرضة لآثار انخفاض أسعار النفط، مرجحين السبب وراء ذلك إلى ارتفاع نقطة التوازن المالي لأسعار النفط.
ومن المتوقع أن ينخفض دخل البحرين بنسبة تصل إلى 50 % بسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط، لا سيما وأن أسعار النفط المعتمدة في موازنتها تصل إلى 119 دولار، الأمر الذي يتوقع معه في ظل هذه المعطيات أن العجز في موازنة مملكة البحرين سيكون بأكثر من 7 % من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن الموازنة في السلطنة العمانية يتوقع لها أن تسجل عجزا بنسبة 0.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري 2015، إلا أنها عرضة للارتفاع لتصل إلى ما يقارب 7.1 % في العام 2018- بحسب توقعات صندوق النقد الدولي.

بحسب بيانات صادرة من مصرف البحرين المركزي، فإنه من المتوقع أن يرتفع عجز موازنة مملكة البحرين إلى 46 % في العام 2015، إذا ما تم حساب الموازنة على أساس متوسط سعر 45 دولار لبرميل النفط، وعليه فإنه يتوقع أن تبلغ الإيرادات 1.7 مليار دينار، في حين ستبلغ المصروفات 3.2 مليارات دينار، بذلك يكون عجز الموازنة ما يقارب الـ 1.5 مليار دينار، أي بنسبة تصل إلى 46 % من إجمالي الموازنة. يشار إلى أن موازنة مملكة البحرين تعتمد على إيرادات النفط والغاز بشكل أساسي بنسبة تتراوح ما بين 85 و 90 % خلال السنوات الماضية.

وبناء عليه، فأنه يمكننا التأكيد وبشدة على أنه بات من الضروري جداً لهذه الدول أن تنظر بسياسات التنويع الاقتصادي، وأن توجد العوامل التي من شأنها أن تقوي اقتصادياتها لمواجهة هذه الأزمة من خلال تخفيف الاعتماد على هذا المورد الناضب، والاتجاه إلى البحث عن موارد اقتصادية وصناعية أخرى لا تعتمد في أساسها على النفط، بالإضافة إلى الاستفادة من الوضع المالي الجيد للمصارف الخليجية. كما أن الصناديق السيادية لدى هذه الدول حان الوقت لها لتلعب دورها في التخفيف من حدة مثل هذه الأزمات الاقتصادية، غير ذلك فإنه حان الوقت لهذه الدول بالاستفادة من ارتفاع أسعار النفط الخام خلال السنوات الماضية والتي سجلت نسب ارتفاع عالية، إذ وصلت إلى 39 % في العام 2011، بالإضافة إلى أن دول الخليج لديها فوائض مالية في الموازنات السابقة، الأمر الذي يجعلها قادرة على سداد العجوزات في موازناتها اللاحقة، كما أن وضع الاحتياطات الأجنبية سيجعل الحكومات الخليجية في وضع مريح يمكنها معه التأقلم مع انهيارات النفط، ومن جانب آخر فأن ذلك سيجعل هذه الحكومات تتفادى الخفض الحاد في برامج الإنفاق التي من شأنها أن تؤدي إلى عرقلة مسيرة القطاع الخاص.