أهم 5 رجال يصنعون السياسات الإيرانية حول المرشد

يتسم الهيكل السياسي للجمهورية الاسلامية الايرانية بالتعقيد، فهو مزيج من المؤسسات التي يشغل مناصبها مسؤولون من الساسة ورجال الدين، منتخبون وغير منتخبين، على رأس هذا الهيكل، يتربع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي خلف آية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية، بعد وفاة الأخير في عام 1989م.
ووفقا للدستور الإيراني، فإن المرشد الأعلى للبلاد هو الذي تنتهي إليه مقاليد الأمور، فهو المسؤول عن تحديد السياسات العامة للجمهورية، الداخلية والخارجية، وهو أيضاً، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وله القول الفصل فى كافة أمور الدولة، صغيرها قبل الكبير.
ورغم أنه من الممكن وصف الجمهورية الإسلامية بأنها دولة مؤسسات، إلا ان هذه المؤسسات تدور فى فلك المرشد الأعلى، الذي يُعين أغلب أعضائها، وبدلًا من أن تضطلع تلك الهيئات بالرقابة على عمل المرشد الأعلى، يتموضع هو باعتباره من يتحكم بها ويشرف عليها. نستثني هنا “مجلس الخبراء” الذي هو دستورياً، المجلس المعني بتعيين المرشد، تقييم أدائه وعزله.
وعلى الرغم من السلطة واسعة النطاق لآية الله خامنئي، إلا أن هناك من يعاونه ويشارك في صناعة القرار السياسي من النخبة السياسية والعسكرية. هؤلاء أيضًا، لديهم رأي مؤثر ومساحات نفوذ وازنة في السياسة الداخلية والخارجية للجمهورية الإسلامية في إيران.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكننا أن نستعرض هنا بعض تلك الشخصيات:

أولاً: رجل الدين القوي: آية الله أحمد جنتي

ينظر إلى رجل الدين المتشدد أحمد، جنتي البالغ من العمر 93 عامًا، على أنه المُتحكم في مصائر المرشحين لكافة المناصب التي يتم التصويت عليها وانتخابها.
يسيطر جنتي على أهم مؤسستين في البلاد، الأولى هي مجلس صيانة الدستور، وهي الجهة المختصة بفحص أوراق المرشحين للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهو من له الكلمة الأخيرة في تأهيل أو عدم تأهيل أي مرشح.
المؤسسة الثانية هي “مجلس الخبراء”، تلك الهيئة المكونة من 88 عضوًا، ومهمتها اختيار المرشد الأعلى القادم، والاشراف على عمل المرشد الحالي، ويحق لها عزله أيضًا إذا اثبت أنه غير جدير بالثقة.
تدرج جنتى بين المناصب الهامة، فشغل منصب قاضي محكمة الثورة التي شكلها الخميني بعد الثورة، وكان عضوًا فى مجلس صيانة الدستور قبل أن يترأسهُ بسنوات عديدة، وشغل منصب إمام صلاة الجمعة بطهران بشكل مؤقت، ويتمتع بعلاقة وثيقة بآية الله على خامنئي، الذي ينظر إليه بصفته قائد المعسكر المحافظ.

ثانياً: آيه الله محمد تقي مصباح يزدي

على عكس أحمد جنتي، لم يلعب مصباح يزدي أي دور بارز في الثورة الايرانية، بل أنه كان يتجنب التواصل مع حركات رجال الدين المناهضة للشاه آنذاك، لذلك لم يكن مقربًا من الإمام الخميني بعد الثورة.
ولد يزدي في عام 1934، وتلقى تعليمه الديني في مدينة قم الإيرانية، ويعتبر من أهم رجال الدين الشيعة في إيران. بعد وصوله الى السلطة، أراد خامنئي أن يستبعد من المؤسسة السياسية رجال الدين المحسوبين على التيار اليساري إلى حدٍ ما، والاستعانة بآخرين أكثر تشددًا.
فتقلد يزدي العديد من المناصب الهامة، مثل رئاسة مؤسسة الامام الخميني، والمجلس الأعلى لأهل البيت، كما تم انتخابه عضوًا في مجلس قيادة الخبراء، يُنظر إليه البعض على أنه قد يكون الخليفة المحتمل لآية الله علي خامنئي بعد وفاته، نظرًا لتمتعه بمكانة مرموقة في الأوساط الدينية، وقربه من الحرس الثوري الإيراني.

ثالثاً: رئيس القضاة الصاعد: ابراهيم رئيسى

رجل دين وسياسي يبلغ من العمر 60 عامًا، بعد الثورة الاسلامية أخذ يتقلد المناصب الأكثر أهمية فى الجمهورية. وبجانب تدرجه في المناصب القضائية، هو عضو فى مجلس الخبراء، وتشخيص مصلحة النظام (المختصة بحل النزاعات التشريعية بين البرلمان، ومجلس صيانة الدستور).
عينهُ المرشد الأعلى رئيسًا لأكبر مجموعة اقتصادية تابعة لضريح الإمام الرضا في مدينة مشهد، وبعد أن خسر الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس حسن روحاني عام 2017، عينه المرشد رئيسًا للسلطة القضائية، المؤسسة المعروفة بسيطرة التيار المحافظ عليها.
يتداول مراقبون داخل ايران اسم رئيسي في كثير من المناسبات – خاصة بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية- كخليفة لخامنئي، خاصة أنه واحد من النخبة السياسة الأقرب إلى خامنئي، ولديه علاقات قوية مع الحرس الثوري الايراني، والجدير بالملاحظة أن خبر تعيينه رئيسًا للسلطة القضائية رحب به المعسكر الاصلاحي، آملين فى تحسين علاقاتهم به، على خلفية احتمالية أن يكون هو المرشد الأعلى المستقبلي.

رابعاً: اليد اليمنى للمرشد الأعلى: وحيد حقانيان

حقانيان هو رئيس مكتب آية الله خامنئي، وكان فى السابق واحداً من قادة الحرس الثوري، يلعب حقانيين دورا مؤثرًا في السياسة الايرانية، فهو المسؤول عن إيصال قرارات ووجهات نظر المرشد الأعلى إلى جميع المؤسسات السياسية والعسكرية. كما أنه يتدخل بشكل كبير في كافة التعيينات الخاصة بالمؤسسات الكبرى، يذهب البعض إلى أنه شخصياً من يقترح على المرشد أسماء المرشحين للمناصب العليا لتعيينهم.

خامساً: مهندس السياسية الاقليمية: علي أكبر ولايتي

إذا كان الجميع يعرف أن محمد جواد ظريف هو وزير الخارجية الإيراني، والمسؤول عن السياسات الخارجية للجمهورية الاسلامية، إلا أن البعض لا يدرك أن هناك شريكا لظريف، يكاد يكون دوره أكبر من الأخير في بعض الأحايين. وهو وزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي.
بعد أن ترك منصبه في وزارة الخارجية، انتقل ولايتي ليكون المستشار الشخصي للمرشد الاعلى للشؤون الخارجية، خاصة فيما يتعلق بسياسة ايران الاقليمية.
وكما كان اللواء قاسم سليماني يلعب دورًا عسكريًا هامًا في المنطقة، كان ولايتي هو وزير الخارجية الخفى لإيران. يُشاع أنه من كان وراء إقناع آية الله خامنئي بالموافقة على مساعدة إيران للحوثيين في اليمن، فالزعيم الاعلى يعتمد عليه اعتمادًا وازنًا في كل ما يتعلق بعلاقات إيران الخارجية.
طوال الوقت يحاول ولايتى أن يكون على النقيض من جواد ظريف، في حين يسعى الأخير إلى المقاربة مع الغرب، يتبنى ولايتى نظرة المرشد الاعلى بضرورة بناء إيران لتحالفات مع الشرق، وتعزيز علاقات الجمهورية الإسلامية وحلفائها في المنطقة، بجانب روسيا والصين.
بجانب تلك الشخصيات السياسية والدينية المؤثرة في صنع السياسية الإيرانية سواء فى الداخل او الخارج، لا يجب ان نغفل دور مؤسسة الحرس الثوري الإيراني بجميع فروعه، خاصة قوة القدس، تمتلك تلك المؤسسة الكثير من النفوذ السياسي والاجتماعي والاقتصادي داخل إيران وخارجها، كما أن تأثيرها القوي يمتد إلى العملية السياسية في إيران، بأدق تفاصيلها.

منشورات أخرى للكاتب