بيوت الحكم الخليجية: بين استقرار الملوك والأمراء وحروب ولاية العهد “الباردة”

فيما تؤمن مواد دستورية واضحة شؤون الحكم وولاية العهد في كل من مملكة البحرين ودولة قطر؛ تلتف بدول الخليج العربية الأخرى عدة تحديات على المديين المتوسط والبعيد.

الظهور الأخير لسلطان عُمان قابوس بن سعيد (79 عاماً)منتصف الشهر الماضي نوفمبر/ تشرين الثاني وقد أنهكه المرض، أعاد الى الواجهة قائمة الترشيحات المفتوحة لخلافته على عرش السلطنة. كذلك هو الحال في دولة الكويت التي يتأرجح كرسي الإمارة  فيها بين الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (90 عاماً) وولي عهده الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (82 عاماً). 

وإذا كانت الأمور تبدو مرتبكة ومربكة في الكويت وسلطنة عمان وسط قوائم عريضة من المرشحين المحتملين والطامحين لكرسي الحكم وولاية العهد؛ لا يقل المشهد تعقيداً في كل من الإمارات والسعودية. 

القاعدة هي أن بيوتات الحكم في دول الخليج، ومنذ استقلالها، كانت تسعى إلى حسم ملف الصراع على الحكم باعتباره أمراً داخلياً يخص بيوتات الحكم و”لا يحق لأحدٍ أو فئة اجتماعية أخرى مشاركتها فيه… وأن ممارساتها لسلطاتها وإن لم تكن ديموقراطية أو متلائمة مع روح العصر، فهي ممارسات مقبولة من رعاياها” (عبدالهادي خلف/ 2016م)، إلا أن لكل قاعدة استثناءاتها، وهو ما حدث فعلاً في أكثر من دولة خليجية.

تتناول هذه الورقة ما تعتبره حروبًا باردة تدور داخل بيوت الحكم في دول الخليج العربية، خصوصاً تلك الدول التي لا تعتمد في ترتيب بيت الحكم على سياسة التوريث العمودي (من الأب إلى أكبر/ أحد الأبناء) كما هو الحال في البحرين وقطر. ولئن كنا قد شهدنا في بعض الآحايين انتقالاً سلسًا للحكم في بعض الدول إلا أن دولاً خليجية أخرى شهدت خلافات تحولت فيها الحروب الباردة الى صراعات حقيقية، انقلابات وبما يصل حد إراقة الدماء.

عمان: بين “الإجماع” وورقة “السلطان” 

يستعرض الباحث الأمريكي سايمون هندرسون في مقالته “ظَرف الخلافة العُمانية، من فضلك” (معهد واشنطن/ 2017م) مشهداً درامياً حول خيارات العمانيين في حال لم تستطع العائلة الحاكمة التوافق على مرشح لخلافة السلطان قابوس. وبتعبير سايمون – الذي لا يخلو من التهكم – فإن “اسم الحاكم الجديد لسلطنة عمان مدوّنٌ على ورقة موضوعة في ظرف مختوم ومحفوظ داخل القصر الملكي في العاصمة مسقط. وهناك أيضاً ظرف ثانٍ موجود في قصر ملكي آخر في مدينة صلالة الجنوبية، يحوي على ما يبدو الإسم نفسه تحسّباً لعدم العثور على الظرف الأول”.

ما يعقد الأمور في السلطنة؛ هو أنه وقبل اللجوء الى وصية السلطان قابوس بن سعيد، وخلال 3 أيام، يجب على أسرة “آل بوسعيدي” أن تتوافق على السلطان الجديد. إذاً، الوصية هي الخيار الثاني والذي ستلجأ العائلة له في حال لم تستطع الإجماع على تنصيب أحد أفرادها سلطاناً على البلاد. الأهم من ذلك، هو أن أحداً لا يعرف ما المقصود بـ “الإجماع”؟ ما هي آليتهووفق أي نظام للتصويت؟ أيضًا، من هم أولئك الأفراد الذين من المفترض أن تتم دعوتهم لحضور هذا الاجتماعات؟ من يحق له التصويت من أفراد العائلة؟ وما هي السن القانونية للتصويت؟

وبحسب عديد القراءات، أهمها قراءة الأكاديمي البريطاني مارك فاليري التي قدمها العام 2014م، يبدو أن أبرز الترشيحات حتى الآن تتركز حول أربعة أسماء. وتؤكد مصادر عدة، أنه وعلى الأرجح، أن واحداً منها هو وريث العرش في السلطنة بنص الوصية المتروكة من السلطان قابوس في قصره:  

أولاً: أسعد بن طارق بن تيمور آل سعيد (65 عاماً)

أكثر المرشحين حظاً، أعلن في آذار/مارس 2017م عن تعيينه نائباً لرئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي، أول أبناء عمومة السلطان قابوس والأخ الشقيق للسيدة: نوال بنت طارقبن تيمور (زوجة السلطان قابوس المُطلقة). خريج أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية وكان قائداً لفرقة الدبابات، وهو الممثل الخاص للسلطان.

ثانياً: هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد (65 عاماً)

وزير التراث والثقافة السابق وعمل في وزارة الخارجية أيضاً. مثل السلطان في عدة مناسبات وكان مبعوثاً خاصاً وممثلاً في العديد من المناسبات الوطنية والعربية والعالمية. 

ثالثا: شهاب بن طارق بن تيمور آل سعيد (63 عاماً)

مستشار السلطان قابوس، ورئيس المجلس البحث العلمي العماني. وكان قائدًا للبحرية السلطانية العمانية حتى العام 2004م. وهو رجل أعمال معروف.

رابعاً: تيمور بن أسعد بن طارق آل سعيد (38 عاماً)

يعتقد كثير من العمانيين أنه مرشح قوي للمنصب؛ خصوصاً إن توافق كل من والده (أسعد) وعمَّاه (شهاب وهيثم) على ضرورة أن يكون للسلطنة سلطان شاب، طموح، وقادر على إحداث نقله حقيقية في البلاد. رسمياً، هو الأمين العام المساعد للعلاقات الدولية في مجلس البحث العلمي العماني. متزوج من السيدةظفاري بنت مستهيل بن أحمد المشعني (قريبة السلطان قابوسمن جهة والدته). 

الكويت: صراعات أولاد العم

ينص الدستورر الكويتي على أن تعيين ولي العهد يكون من خلال أمر أميري يرتكز بالدرجة الأولى على تزكية الأمير ومبايعة أغلبية أعضاء مجلس الأمة في جلسة خاصة. هذا لا ينفي أن العائلة الحاكمة عاشت على قاعدة توافقية منذ العام 1915م ترتكز على التناوب على كرسي الإمارة بين أبناء الحاكم الثامن الشيخ جابر بن مبارك الصباح من جهة، وأبناء عمومتهم من أبناءالحاكم التاسع الشيخ سالم بن مبارك الصباح من جهة أخرى. 

هذا التوافق الذي حقق استقراراً داخل الأسرة الحاكمة تعصف به عدة منغصات منذ عام 2006م. وقتئذ، تولى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الحكم خلفاً للشيخ سعد العبدالله الصباح (رحمه الله) لأسباب صحية. الشيخ صباح اختار تعيين الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (الأخ الشقيق للأمير) ولياً للعهد، وهو ما أثار عديد التساؤلات لدى أبناء العمومة حول ما إذا كان العمل بقاعدة “التناوب” قد تم تجاوزه نحو قاعدة جديدة لم تتضح معالمها أو يعلن عنها حتى الآن.

اليوم يدور الجدل في الداخل الكويتي حول مركزية الحكم في نسل الشيخ جابر بن مبارك الصباح واستبعاد كل من أبناء “السوالم” أولًا، وأبناء حمد المبارك الصباح ثانيًا. والأخير (حمد المبارك) هو الأخ الثالث للأميرين السابقين جابر وسالم. هذا الارتباك يُرافقه صعود مرشحين محتملين لولاية العهد من جيل الأحفاد للشيخ الأحمد الصباح، في مقدمتهم الشيخ ناصر صباح الأحمد الجابر الصباح (نجل الأمير الحالي) والشيخ أحمد الفهد الجابر الصباح، والأخير هو الشخصية الرياضية المعروفة والذي يعلن بوضوح عن تطلعه في الوصول الى كرسي الحكم. 

يبدو أنه بات من الضروري أن تذهب العائلة الحاكمة في الكويت إلى مناقشات جادة وتوافق تاريخي حول ترتيب بيت الحكم.سواءاً عبر اقرار تعديل دستوري أو إعتماد تنظيم داخلي في الأسرة (مثل هيئة البيعة في السعودية) يضمن ترتيب بيت الحكم الذي يتأرجح بين بيوتات ثلاثة تتسابق داخلياً في الوصول إلى كرسي الإمارة وولاية العهد. 

اليوم؛ تتجه الأنظار وتدور أغلب الترشيحات في الكويت نحو الشخصيات التالية: 

أولاًالشيخ محمد صباح السالم الصباح (64 عاماً)

نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية سابقاً. وهو الابن الرابع للشيخ صباح السالم الصباح أمير دولة الكويت الثاني عشر من زوجته الشيخة نورية أحمد الجابر الصباح. يحضى بالقبول وهو مرشح “السوالم” الأول والدائم لولاية العهد.

ثانياً: الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح (71 عاماً)

النجل الاكبر للأمير الحالي، ووزير الدفاع والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الكويت سابقًا (أعفي من منصبه في نوفمبر 2019). يمثل الخيار الأكثر قبول شعبيًا، معروف كرجل اصلاحات بالدرجة الأولى، ليبرالي. يمثل صعوده الى ولاية العهد تحدياً جدياً لتماسك العائلة الحاكمة في الوقت الحاضر، لكن ذلك لا يعني أنه مستبعد خصوصاً اذا قدر لولي العهد الحالي الوصول الى الحكم وترشيحه الشيخ ناصر لولاية العهد.

ثالثاًالشيخ جابر مبارك الحمد الصباح (77 عاماً) 

أبرز المرشحين من أبناء حمد المبارك الصباح (الفرع الذي استبعد عن الحكم من أبناء مبارك الصباح) والده كان أول وزير للأوقاف في الكويت الشيخ مبارك الحمد الصباح. تولى الشيخ جابررئاسة الوزراء منذ (فبراير 2012 حتى نوفمبر 2019) حيث قدم اعتذاراً للأمير عن توليه المنصب بسبب شائعات تمس ذمته المالية بعد خلاف مع وزير الدفاع الشيخ ناصر بن صباح الأحمد الصباح (نجل أمير البلاد).

رابعاً: الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح (56 عاماً)

الشخصية الرياضية الأشهر كويتياً وخليجياً، وزير سابق وهو الابن الأكبر للشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح. مشهوربتصريحاته المثيرة للجدل ولا يخفي تطلعه للحكم باعتباره وريثاً لوالده التي قتل أثناء الغزو العراقي للكويت. الجدل الذي يثيره دائماً يجعل فرصته محدودة وكذلك صراعاته الشخصية التي خاضها ويخوضها داخل البلاد وخارجها. تشير مصادر كويتية رفيعة إلى أن الشيخ أحمد الفهد قد يذهب الى الدفع بترشيح الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح لتولي كرسي الإمارة في البلاد. 

خامساً: الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح (79 عاماً)

رئيس مجلس الوزراء الكويتي سابقاً  (فبراير 2006 – نوفمبر 2011). الابن الثاني للشيخ محمد الأحمد الجابر الصباح. يدور جدل واسع حول علاقاته المميزة مع الجمهورية الإسلامية في إيران، وهو ما ينفيه المقربون منه.

الإمارات: عين على المستقبل وأخرى على ذاكرة حروب الإخوة

لأسباب مرضية ومنذ 2014م، يغيب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة أبوظبي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (71 عاماً) عن المشهد السياسي والاستقبالات الرسمية في بلاده.ويتولى ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان (58 عاماً) – الذي يشغل أيضاً منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي – إدارة شؤون الإمارة وأغلب صلاحيات أخيه كحاكم لدولة الإمارات منذنوفمبر 2004م خلفاً لوالده. 

ولئن كان انتقال حكم إمارة أبوظبي، وبالتالي رئاسة دولة الإمارات ضمناً، إلى الشيخ محمد بن زايد يبدو أمراً لا جدال حوله أو فيه، إلا أن ثمة العديد من التساؤلات “الجادة” حول ما إذا كان ترتيب بيت الحكم (ولاية العهد المقبلة) في ولاية أبوظبي ستؤول لأحد إخوة الشيخ محمد بن زايد، عملاً بالقاعدة التاريخية لحكم هذه الإمارة (تناوب الإخوة)، أم أنها ستنتقل إلى الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان (أكبر أبناء ولي العهد الحالي محمد بن زايد)، وهو ما يعني تحولاً تاريخياً في ترتيب بيت الحكم فيالإمارة الأكبر والأكثر ثراءاً في الإمارات. 

تاريخياً، شهدت إمارة أبوظبي صراعاً دموياً بين أبناء الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان (حاكم أبوظبي ما بين 1855م – 1909م)،وهو ما تسبب في واحدة من أسوأ فترات الحكم في تاريخ الإمارة. تولى الحكم الشيخ طحنون بن زايد (1909 الى 1912)الذي امتدت فترة حكمه لثلاث سنوات ثم قتل على يد أخيه الشيخ حمدان بن زايد. مسلسل الاغتيالات لم يتوقف وبعد ثمان سنوات قتل الشيخ حمدان أيضاً.

تولى بعدها الحكم الشيخ سلطان بن زايد (1920 الى 1927)لسبع سنوات انتهت بمقتله هو الأخر على يد أخيه الشيخ صقر بن زايد آل نهيان، والأخير قتل أيضاً على يد أخيه الشيخ خليفة بن زايد. تبع ذلك تنازل الشيخ خليفة بن زايد عن حكم الإمارة إلىابن أخيه الشيخ سلطان، الشيخ شخبوط بن سلطان بن زايد آل نهيان.

بعد مذبحة الإخوة الأربعة تقول مروية إماراتية، لا مصدر رسمي لها، أن أبناء الشيخ سلطان بن زايد تعاهدوا أمام والدتهم الشيخه (سلامه) على أن لا يقتتلوا على الحكم، إلا أن ذلك لم يمنع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة من الإطاحة بأخيه الشيخ شخبوط في 6 أغسطس 1966م عبر انقلاب ناعم لتكون بيروت منفى أخيه السياسي آنذاك.

تمثل هذه الفترة الدموية مصدر قلق لا فيما يتعلق وترتيب بيت الحكم في إمارة أبوظبي وحسب، بل وبما يشمل استقرار بقية الإمارات المنطوية تحت اتحاد (الإمارات العربية المتحدة) نظراً لما تمثله إمارة أبوظبي من ثقل سياسي واقتصادي – هو الأهم والأكبر – في الإتحاد كله. 

تشمل قائمة المرشحين لولاية العهد في إمارة أبوظبي عدة أسماء من أبناء الشيخ زايد الأحياء، ويبقى التساؤل الأهم حول شخصية الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان تحديداً، ومدى قبول أعمامه بأن يرتقي لمنصب ولاية العهد في الإمارة. أدناه قائمة بأبرز وأهم الأسماء المرشحة لتولي المنصب:

أولاًالشيخ حمدان بن زايد بن سلطان آل نهيان (58 عاماً)

ممثل الحاكم في المنطقة الغربية وهو منصب “شرفي”. في فبراير 2006م عين نائباً لرئيس مجلس الوزراء بقى في التشكيل الوزاري حتى مايو 2009م. تبدو فرصته للوصول الى ولاية العهد ضئيلة نسبياً رغم أنه يكبر أخاه سيف وزير الداخلية، اعتباره الأكبر عمراً بين اخوته لا يعني أنه الأكثر ترشيحاً للمنصب.

ثانياً: الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان (54 عاما)

نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، شغل سابقاً منصب مستشار الأمن الوطني (2006م – 2016م) ليخلفه في المنصب الشيخ طحنون بن زايد. تثار تساؤلات حول تراجع دوره السياسي في الدولة منذ 2016م إلا أنه يبقى أحد المرشحين.

ثالثاً: الشيخ سيف بن زايد بن سلطان آل نهيان (52 عاماً)

الاخ غير الشقيق لمحمد بن زايد، ويشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وعضو بالمجلس الأعلى للأمن الوطني. شغل سابقاً منصب وكيل وزارة الداخلية. يعتبر أحد أبرز المرشحين المحتملين ويحمل فرصاً معقولة لتولي المنصب.

رابعاً: الشيخ منصور بن زايد آل نهيان (49 عاماً)

نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة. يحمل درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية من الولايات المتحدة الأمريكية 1993م. تعتبر فرصة توليه منصب ولاية العهد “منطقية”خصوصاً إن استطاعت العائلة تجاوز التراتبية العمرية بين الأشقاء.

خامساً: الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان (48 عاماً)

أحد الرجال الأقوياء ومستشار الأمن الوطني بدولة الإمارات وأحد الشخصيات الغامضة وهو أكثر الإخوة المقربين من أخيه محمد بن زايد. ويعتبر أحد أهم المرشحين ما خلا أن ثمة ما يشبه العرف في تاريخ دول الخليج أن الذين يمسكون بمناصب تتعلق بالأمن الوطني غالباً ما يكونون أقل ترشيحاً للدخول الى المناصب السياسية. 

سادساً: الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان (36 عاماً  عمر تقديري)

خريج جامعة ساندهيرست العسكرية وهو أكبر أبناء ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. يتقلد عدة مناصبمنها كونه نائبا لمستشار الأمن الوطني ورئيس جهاز أمن الدولة.وهو أيضا رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي منذ أكتوبر 2019م وعضو المجلس التنفيذي للإمارة. يُعتقد أن تعيينه ولياً للعهد قد يحدث أزمة داخل العائلة الحاكمة وتغييراً جذرياً في تراتبية الحكم داخل الإمارة.

السعودية: بلد السيناريوهات المفتوحة

لا يبدو أن ثمة دولة من دول الخليج تنام على قائمة عريضة من السيناريوهات المفتوحة كما هو الحال في السعودية. تستقر ولاية العهد الحالية في شخص الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (34 عاماً). يأتي ذلك بعد أحداث دراماتيكية شهدتها المملكة منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم في البلاد.

وفيما تتولى هيئة البيعة – تأسست في 2006م وتعنى باختيار الملك وولي العهد وتتكون من أبناء وأحفاد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود – مسؤولية اختيار ولاية العهد في المملكة. أثارت عديد من المحطات/ الأحداث الجدل حول مدى استقلالية وقوة هذه الهيئة واضطلاعها بأداء مهامها قبالة إرادة الملك نفسه. حدث ذلك في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي ارتقى بالأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود إلى منصب “ولي ولي العهد” رغم معارضة ظاهرة من بعض أقطاب الأسرة الحاكمة، وحدث ذلك أيضاً في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أزاح على التوالي كل من الأمير مقرن بن عبدالعزيز والأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود من منصبيهما. 

في حال انتقال الحكم الى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود سيكون على هيئة البيعة الإجتماع لتعيين ولي للعهد، الاشكالية الأبرز في هذا السياق تكمن في صغر سن الملك ذاته، وهو ما يجعل الخيارات المتاحة محدودة للغاية، خصوصاً في الصف الأول من أحفاد الملك عبدالعزيز. وهو ما يشي بأن فرصة الأخ الشقيق للأمير محمد بن سلمان ونائب وزير الدفاع الحالي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود (31 عاماً) تبدو سانحة ومنطقية في توليه هذا المنصب.

مثل هذا السيناريو لا ينفي وجود سيناريوهات أخرى، منها أن يعمد الأمير محمد بن سلمان إلى تعيين ولي عهد “مؤقت” حتى يتسنى له تعيين أحد أبنائه لاحقاً ولياً للعهد. ومنها أن يتوافق أعضاء هيئة البيعة مع الملك الجديد على تسمية أحد أحفاد الملك عبدالعزيز من الصف “الثالث” لولاية العهد. وفي مثل هذا السيناريو، تبدو قائمة المرشحين لمنصب ولاية العهد عريضة، متشعبة ويصعب التكهن بها.

البحرين وقطر: استقرار سياسي طويل المدى

وعلى خلاف المشهد المرتبك في كل من السعودية والإمارات وعُمان والكويت، تشهد كل من قطر والبحرين استقراراً نسبياً في ترتيب بيت الحكم. 

ووفق نصوص دستورية واضحة، تبدو ولاية العهد في البحرين مستقرة في شخص ولي العهد الحالي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة (50 عاماً)، كذلك هو الحال بالنسبة إلى نجله الأكبر وولي العهد “المقبل” سمو الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة (29 عاماً). 

من المؤكد أن شائعات عدة يتم تداولها بين حين وآخر حول الطموحات والمستقبل السياسي لنجل ملك البلاد الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة إلا أن الأمور تبدو محسومة نحو إستقرار ولاية العهد في الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. لا يخفى في هذا السياق أن ملك البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة قد حصر دور وطموحات الشيخ ناصر في جانبين إثنين، العسكريباعتباره قائداً للحرس الملكي ومستشاراً للأمن الوطني أولاً،والرياضي باعتباره رئيسًا للمجلس الأعلى للشباب والرياضةورئيسًا للجنة الأولمبية البحرينية ثانيًا. وهو ما يؤهل الشيخ ناصر بن حمد إلى أن يكون المرشح الأول ليشغل منصب القائد العام لقوة دفاع البحرين خلفاً للمشير خليفة بن أحمد آل خليفة. الأهم من ذلك، يمثل انتقال ولاية العهد إلى الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة تحدياً بالغاً لإستقرار العائلة الحاكمة ذاتها، والتي لا يبدو أنها سترحب بدخول أسرة “آل مكتوم” – حكام إمارة دبي – إلى بيت الحكم الرئيسي في البلاد من أوسع أبوابه. وعليه، يكون استقرار ولاية العهد في الأمير سلمان بن حمد آل خليفة (الخليفي أباً وأماً وزوجة) ملفاً محسوماً دستورياً، وشعبيًا أيضًا. 

في دولة قطر التي شهدت انتقالاً للسلطة في 2013م لأميرها الشاب الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني (39 عاماً) تستقر أمور الحكم وولاية العهد بشكل واضح. أما المرشح الأول لولاية العهد فهو الشيخ حمد بن تميم بن حمد آل ثاني (11 عاماً). ووفق المادة (13) من دستور قطر التي تنص على أنه في حال “تعذر تعيين ولي للعهد، للأمير أن يعين نائباً له”، يشغل الأخ غير الشقيق لأمير البلاد الشيخ عبدالله بن حمد بن خليفة آل ثاني (31 عاماً) منصب نائب الأمير. وهو ما يحيل إلى أنه منصب “مؤقت” حتى يبلغ ولي العهد “المُرشح” سن الثامنة عشرة، وفق ما تنص عليه أحكام الدستور. 

منشورات أخرى للكاتب