الخطة الثلاثیة للتخلص من الاتفاق النووي والتحديات الجديدة أمام روحاني

ساعات قليلة تفصلنا عن انتهاء المهلة التي حددها الرئیس الإمریکي دونالد ترامب لاتخاذ قرار حول بقاء الولایات المتحدة في الاتفاق النووي مع ایران أو الخروج منه. وفي ظل التفاهمات الإمریکیة مع شرکائها في الریاض وتل أبیب، الصورة حول مستقبل الإتفاق النووی أصبحت أکثر وضوحا، إذ یبدو أن الولایات المتحدة سوف تنسحب من الاتفاق النووي ویجب علی إیران أن تستعد لمرحلة ما بعد إنهیار الاتفاق النووي.

يسعى ترامب جاهدا لتدمیر ما تبقی من إرث إدارة أوباما. في 12 كانون الثاني/ يناير الماضي أعلن أنه “إذا لم يتم تعدیل الاتفاق النووي مع ایران، الولایات المتحدة لن تجدد إيقاف العقوبات ضد ایران”. ونتيجة لذلك، بدأت بالفعل جهود الدبلوماسيين الأوروبيين لحث الرئیس الامریکي للبقاء في الاتفاق النووي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميرکل توجها فی الأسبوع المنصرم إلى واشنطن للتفاوض مع دونالد ترمب بشأن الاتفاق النووي وبقاء الولایات المتحدة ضمن هذا الاتفاق.

ورغم التقارير التي تفيد بأن ماكرون عرض على الولايات المتحدة امکانیة توفير شروط التفاوض مع إيران حول برنامجها الصاروخي وسياساتها في الشرق الأوسط، لا يبدو أن إیران سوف تخضع لمزید من الالتزامات أو المفاوضات بشأن برنامجها الصاروخي أو التعدیل في الاتفاق النووي. طهران أكدت مرارا موقفها حول هذا الموضوع “إن ردنا علي هذه القضیة واضح وحازم؛ وهو أن الاتفاق النووي لن یخضع للتفاوض من جدید او التغییر”.

تريد واشنطن إجراء إصلاحات جوهرية في الاتفاق النووي وإجراء مفاوضات مع ایران حول برنامجها الصاروخي ونفوذها العسكري في الشرق الأوسط، وتعتبر طهران برنامجها الصاروخي غیر قابل للتفاوض؛ ودعت الدول الغربية الأخرى المُوقعة على الاتفاق النووي، ومنها بريطانيا وفرنسا والمانيا، إلى الحفاظ على الاتفاق. الأوربيون أكدوا أنهم يرحبون بإطلاق محادثات جديدة مع إيران حول برنامجها الصاروخي ونفوذ إیران في سوريا واليمن والعراق.  وبعد يوم واحد من زيارة وزير الخارجية الأمريكي الجديد مايك بومبيو إلى المملكة العربية السعودية وإسرائيل بدأ التحریض من تل أبيب والرياض ضد ایران، رئيس الوزراء الاسرائیلی کشف عن مزاعم جدیدة ضد إيران، مدعياً إن طهران تكذب بشأن طبيعة برنامجها النووي.

يحاول نتنياهو فی هذه المرحلة الحساسة من مستقبل الاتفاق النووي، إعادة فتح قضية قديمة تم إغلاقها بالفعل ویعتقد أن خروج الولایات المتحدة من الاتفاق النووي هي الضربة القاضية لخطة العمل الشاملة المشتركة وهو ما سيؤدي إلى استئناف العقوبات الدولیة ضد إيران.

تعلم حكومتا ترامب ونتنياهو جيداً أن الدول الأوروبية لن تؤيد قرار واشنطن بالانسحاب من الاتفاق النووي. ولهذا، تأتي مزاعم نتانیاهو الاخیرة حول برنامج ایران النووی کدعم اسرائیلی لقرار الرئيس الإمریکي للإنسحاب من الاتفاق النووي ليس أكثر. من جهة أخرى أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبیر في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأمريكي أن بلاده سوف  ترحب بتعديل الاتفاق النووي وتدعو إلى فرض عقوبات جديدة ضد إيران.

فعلیاً، بدأت الموجة الدعائية والحرب الإعلامية السعودیة – الإسرائیلیة ضد إیران في المرحلة حرجة، وهو ما يؤكد أن خطة من قبل واشنطن وتل أبيب والرياض قد رسمت لتحفيز الرأي العام العالمي والدول الأوروبية ضد إيران، وبهذه الطريقة مواقف الدول الأوروبية تجاه إيران فی الأیام القادمة سوف تکون معیار نجاح الخطة الثلاثیة ضد طهران واتفاقها النووي أو خسارتها.

ورغم أن الاتفاق النووي الذي أبرم قبل ثلاثة أعوام في فیینا یعد إنجازاً ثميناً للرئیس الإیرانی حسن روحاني لکن الفشل في الحفاظ علیه لا یعنی نهایة العالم كما يعتقد الإيرانيون، إلا أن الانسحاب الأمریکي من الاتفاق النووي من شأنه أن یزید الطين بلة في الشأن الداخلي الإیرانی ضد دولة التدبیر و الأمل، هناك من جهة التیار المحافظ الذي یعتقد أنه لا يمكن الوثوق بواشنطن، ومن جهة الأخری هناك فئة من الإصلاحيين الذين صوتوا لروحاني في الانتخابات وفي هذه المرحلة يعتقدون انه لم يفي بوعوده الانتخابية مطلقين حملة الكترونية في مواقع التواصل الإجتماعية تحت وسم “نادمون” لدعمهم الرئیس الإیراني حسن روحاني. لهذا السبب ينبغي على الرئيس الإيراني أن يستعد لمرحلة ما بعد الانسحاب الامریکي من الإتفاق النووي مع بدء مرحلة جدیدة من الضغوط الداخلیة وعلى الأرجح سیکون هذا التحدي هو التحدي الأكبر الذي سيواجهه خلال الأعوام الأخيرة من رئاسته للبلاد.

منشورات أخرى للكاتب